تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
55083 مشاهدة
ذكر الجنة والنار

...............................................................................


ثم يقول:
والنـار يصلاهـا الشقي لحكمـة
وكـذا التّقي إلى الجنـان سيدخـل
هذا أيضا مما نؤمن به وهو نهايتهم في الدار الآخرة أنكم كما قال الله: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ الأشقياء: هم الذين يصلون النار، قال الله تعالى: سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ في أبي لهب وقال تعالى: وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ .
ويقول الله تعالى: يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ يصلونها يعني: هذه النار ويخبر تعالى بأنها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ .
النار موقدة في قوله تعالى: وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ وصفها بأنها الموقدة، ووصفها بأنها تلظى: فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى يعني تتقد اتقادا شديدا لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى النار: هي العذاب الذي أعده الله تعالى لمن كفر به، ولمن خرج عن طاعته أنه يعذبهم بهذه النار، ووصفت بأنها نار حامية، نار تلظى نار موقدة، وأنهم يعذبون فيها، ويُتركون يقول الله فيهم: كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا ويقول تعالى: وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا كلما خبت يعني: طفئت أوقد عليها.
ذكر في بعض الأحاديث أنه أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد علها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة نهارها كليلها .
ورد أنه-صلى الله عليه وسلم- قال: ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم؛ فقالوا: يا رسول الله: إن كانت لكافية أي من شدة حرها تشاهدون هذه النار إذا أوقدت، واشتعلت، وألقي فيها حيوان مات بسرعة أيا كان كبيرا، أو صغيرا لو ألقي فيها فيل أو جمل لمات في لحظات، فكيف إذا كانت مثلها سبعين مرة؟ .
يقول: فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها أي: مثل حر النار تسعة وستين جزءا، فالنار يصلاها الشقي: يعني الأشقياء الذين حكم الله تعالى عليهم بأنهم من أهل الشقاوة.
وأما المؤمنون فإنهم منَّ الله عليهم بأنهم يدخلون الجنة سيدخلونها كما أخبر تعالى، الجنة: دار نعيم قال تعالى: إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ فالجنة دار النعيم، والنار دار الجحيم.
ورد في حديث أن الله قال للنار: أنت عذابي أعذب بك من أشاء، وقال للجنة: أنت نعيمي وأنعِّم بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها يقول للجنة: أرحم بك من أشاء، وللنار أنت عذابي أعذب بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها.
فأما الجنة فإن الله ينشئ الله لها خلقا، يبقى فيها أماكن فينشئ الله لها خلقا، ويدخلهم الجنة، وأما النار فيقول في الحديث: لا تزال جهنم يلقى فيها وهي تذكر هل من مزيد يعني هل هناك زيادة حتى يضع رب العزة فيها قدمه فيلجأ بعضها على بعض فتقول: قط قط يعني امتلأت، وإلا فإنه لا يعلم قدرها وسعتها إلا الله تعالى، هذه نهاية كل الخلق بعد البعث.